حقق ريال مدريد الإسباني أول بطولة له هذا الموسم وذلك بعدما تُوّج بلقب كأس السوبر الأوروبي إثر فوزه على أتالانتا بهدفين نظيفين في المباراة التي جمعت بين الفريقين في العاصمة البولندية وارسو.
الميرينغي تمكن من الانتصار بفضل هدفي فيديريكو فالفيردي وكيليان مبابي الذي وقّع على هدفه الأول في مباراته الأولى مع البلانكوس ليواصل الريال حصد الألقاب في 2024 بعد كأس العالم للأندية والليغا ودوري أبطال أوروبا.
خطة مشكوك في أمرها
المباراة شهدت الكثير من التقلبات، خاصة بين الشوطين الأول والثاني. ففي الشوط الأول كان ريال مدريد الإسباني يعاني على كافة الأصعدة سواء دفاعيًا في عدم قدرته على وأد الهجمات الإيطالية أو في مسألة خروجه الصعب جدًا بالكرة أمام ضغط فريق بيرغامو، أو حتى في التنسيق بين عناصر هجومه بالشكل الأمثل الذي يرجوه كل مشجع للريال.
في المقابل كان أتالانتا قادرًا على اكتشاف ثغرات ريال مدريد كما استفاد من حيرة لاعبي الريال في إخراج الكرة من نصف ملعبهم بشكل سليم ليقطع أكثر من كرة شكلت خطورة كبيرة على الريال، لكن النيراتزوري الصغير افتقد لنقطة كانت وستظل فارقًا كبيرًا بين ريال مدريد وخصومه وهي الحسم، فقد كانت هناك أكثر من فرصة للتسديد فإذا بلاعبي أتالانتا يبحثون عن الوضعية المثالية للتسديد وهو أمر كان يجعلهم يبحثون عن المراوغة أولًا فتُقطع الكرة.
ربما يكون مبرر لاعبي أتالانتا أن تسديدة دون وضعية مثالية سيكون هناك حارس عملاق لها بالمرصاد، حارس أظهر من جديد جودته وقدرته على أن يصنع الفارق تحت ضغط المنافس كما فعل في أكثر من كرة أهمها رأسية باشاليتش التي أخرجها تيبو كورتوا من حلق المرمى.
لكن بقيت مشكلة ريال مدريد الإسباني الكبرى في أنه في ظل اعتزال توني كروس وعدم قدرة لوكا مودريتش بدنيًا على بدء مباراة قوية كتلك، باتت الأمور صعبة في إيجاد اللاعب الموكل بتنسيق خروج الهجمة في ظل عدم قدرة تشواميني على أداء هذا الدور بكفاءة، حتى إن أنشيلوتي عمد إلى تقديم روديغر في أكثر من لقطة لمنتصف الملعب في أثناء الخروج بالكرة؛ لتشتيت وسط أتالانتا عن لاعب ارتكاز الريال، لكن بقي الوضع على ما هو عليه.
اللقطات التي شهدت حضورًا مدريديًا في الخطوط الهجومية هي تلك اللقطات التي تخلّى فيها الريال عن فكرة استخدام خط وسطه، فلجأ إلى الكرات المباشرة من خط الدفاع إلى ثلاثي الهجوم أو إلى جود بيلينغهام الذي خرج بالكرة من عدة وضعيات صعبة، فيما كان الحل الآخر هو التمريرة المباشرة في ظهر أطراف أتالانتا إلى لاعب منسل من الخلف للأمام كما حدث في تمريرة بديعة من فينيسيوس جونيور إلى مبابي على اليسار أو من كارفاخال إلى فالفيردي على اليمين.
رباعي ناري.. إمكانات مذهلة وتنسيق ضروري
لا يمكن بأي حال من الأحوال الحُكم على أي شيء من مباراة واحدة، سواء فيما تم ذكره بشأن وسط ريال مدريد الإسباني أو فيما يتعلق بالرباعي الذي ينتظره الجميع في الوقت الحالي.
التنسيق والتفاهم لا يأتيان بين يومٍ وليلة، لكن أنشيلوتي اختار الحل الأفضل في الوقت الحالي وهو تكثيف عددهم في منطقة واحدة مع ثقته في ذكائهم وقدرة كل واحد منهم على اختيار التحرك المناسب خلف الدفاعات.
فبدلًا من تشتيتهم على مساحة واسعة أصبحنا نشاهد رودريغو وفينيسيوس ومبابي وبيلينغهام كلهم على الجانب الأيسر في نفس الوقت بزيادة عددية كبيرة تسمح بوجود لاعب واحد على الأقل خالٍ من الرقابة ليختار التقدم للأمام، ومع تمريرات فينيسيوس جونيور الرائعة كان المنفذ ممكنًا لدفاعات الفريق الإيطالي كما حدث في تمريرتي جونيور إلى رودريغو أو إلى مبابي.
على الصعيد الفردي، لم يقدم مبابي أي شيء تقريبًا، ولن يتفهم كثيرون أنه بحاجة لوقتٍ كبير لاعتياد الأجواء واعتياد النادي واعتياد الزملاء، لذلك كانت أخباره ممتازة جدًا حين سجل في مباراته الأولى ليبعد أي صداع من التساؤلات المتسرعة حوله.
ماذا تحسّن في ريال مدريد الإسباني في الشوط الثاني؟
بعدما مارس تيبو كورتوا دوره كالمعتاد في أن يصنع الفارق وقت تراجع الريال، بدأ الميرينغي يتنفس بفضل عدة أمور، أولها تبديل أنشيلوتي بين تشواميني وفالفيردي في مسألة خروج الكرة فبات الأوروغواياني هو الموكل بشكل أكبر بهذا الأمر فصار الريال أكثر قدرة على إخراج الكرة بشكل سلس.
لكن الأمر الأهم هو أن ريال مدريد الإسباني تحوّل ليكون هو الفريق الضاغط في الأمام، ويبدو وأن كارليتو قد حث لاعبي الخط الأمامي على الضغط بشكل أكبر على عناصر دفاع أتالانتا ليوقعهم في الأخطاء كما حدث مع دفاعه ليتمكن الريال بالفعل من قطع أكثر من كرة في منتصف ملعب المنافس وهو أمر منحه فرصة ذهبية للاستفادة السريعة من الرباعي الأمامي وكذلك جنبه مشكلة بداية هجماته من الخلف، فالهجمة بدأت في الظهور من ملعب أتالانتا.
من تلك الكرات سجل الريال الهدف الأول بعدما قُطعت الكرة من الظهير الأيمن لأتالانتا بعد تمريرة مضغوطة وصلت إليه، كما سجل الريال الهدف الثاني بعدما قطع رودريغو كرة أخرى من دفاعات أتالانتا.
إن تقدم ريال مدريد الإسباني فالأمر قد انتهى، وإن ضاعف النتيجة فإن الأمر يتحول إلى عرض ممتع لجماهير البلانكوس التي استمتعت بفريقها في الدقائق التالية مع استعراض بناء لكثيرٍ من اللاعبين في مقدمتهم الباهر فينيسيوس جونيور وكذلك ظهر بيلينغهام في عدة لقطات مميزة خانه التوفيق في نهاياتها؛ لكن الخاتمة الأخيرة للمباراة كلها كانت سعيدة لريال مدريد.