تنطلق منافسات دورة الألعاب الأولمبية الجمعة في باريس بحفل الافتتاح، الذي نأمل أن يكون باهرًا، وذلك بعدما انطلقت بالفعل بعض منافسات الدورة ومنها كرة القدم.
كرة القدم؟! ما من حيز كبير لها في هذا المحفل الرياضي الضخم، فيكفينا ما تناله من شهرة ومتابعة طوال العام، والآن وقت الاستمتاع بالكثير من الألعاب المختلفة والمتنوعة.
أبرز هذه الألعاب بالتأكيد هي ألعاب القوى، “أم الألعاب.. عروس الدورات الأولمبية.. ومقياس حضارة الأمم”، كما كان يحلو للراحل الجميل رياض شرارة وصفها.
صحيح أنّ شرارة كان ربما ليغيّر من رأيه قليلًا في الوقت الحالي، فجامايكا التي لم تكن مشهورةً رياضيًا في عصره باتت واحدةً من أهم دول العالم في سباقات السرعة على أقل تقدير، ومن ضمن أهم أبطالها هي البطلة العالمية شيلي آن فريزر برايس، التي جمعت كل ما يمكن تخيله من ميداليات ذهبية كانت أو ملونة في سباقات السرعة.
يمكنك تمييز شيلي آن من على بُعد كيلومتر ومن بين ألف إنسان. لن تتعب كثيرًا في تمييز شعرها الاصطناعي، تلك “الباروكة” ذات الألوان الفاقعة بالأصفر والأخضر وأحيانًا الوردي.
عظمة شيلي آن فريزر برايس يعرفها الجميع بسرعتها وقدرتها على الاستمرار في الملاعب حتى ما بعد الخامسة والثلاثين، حتى إنها ستشارك في الأولمبياد الحالية وإن كانت غير مرشحةٍ للفوز أمام المرشحات: الأمريكية شاكاري ريتشاردسون والجامايكية شيريكا ويليامز.. لا يهمني ذلك، سأظل أحب شيلي آن حتى وإن لم تفز، بروحها الجميلة وابتسامتها التي لا تفارقها في منافسات سرعة شرسة يكره الأغلبية فيها بعضهم بعضًا، ويحاول أغلب مَن فيها النيل نفسيًا من الآخر، رغم أنّ جاكسون شارفت على أن تصبح بطلتي المفضلة في كسر أنوف الأمريكان حتى ولو كانت ريتشاردسون هي حقًا الأفضل حاليًا.
لكن عظمة شيلي آن ازدادت في نظري بجملة رنانة من عثمان القريني “خليفة رياض شرارة في التعليق” هذا الرجل خفيف الظل الذي نجح في أن يحافظ لي بعد شرارة على نفس شغفي بألعاب القوى وعلى حبي لصوته وبطريقته المميزة عندما يخبرك أن “شيلي آآآآآآآن” في طريقها للفوز، أو عندما يخبرك بصوت فخيم أنّ “بولت” سيفوز من جديد في “سباااااااق” الـ100 م، وأنّ على حسين أن يكتب كل ذلك، فيما ينتقل سريعًا إلى الوثب الطويل محموم المنافسة أو “الحريجة” كما يحلو له أن يقول.
عثمان القريني علّق أحيانًا على مباريات كرة القدم؛ لكنه وجد نفسه في ألعاب القوى وكذلك في الـ NBA التي باتت لزماته حاضرة فيها هي الأخرى بعدما اعتبر إن هذه الثلاثية أو تلك كانت “عالوجع يا وجع”، كما يصرخ أحيانًا متسائلًا “وينك يا حسين عشان تُكُتب” ما يراه من روعة المباراة غير عابئ كثيرًا بما إذا كان متابع كرة السلة سيفهم ما يقوله أم لا.. أنا أفهم وأبتسم يا عثمان، لا تقلق!
متابعة كل هؤلاء الرياضيين وتضحياتهم الكبيرة لسنوات طويلة، تشعر معها أن تلك المنافسات الأولمبية ما هي إلا تجسيد للحياة كما نحب أن نراها، فمن يتخاذل عليه أن يتنازل عن البوديوم، أما من يجتهد فما عليه سوى أن يستمتع بصوت عثمان القريني وهو يخبره أن “الذهب للذهب”.