افتتح ريال مدريد مشواره في الدفاع عن لقب دوري أبطال أوروبا بالانتصار على ضيفه شتوتغارت بثلاثة أهداف مقابل هدف في المباراة التي جمعت بين الفريقين ضمن الجولة الأولى من دور المجموعات بنظامه الجديد.
وتمكن الفريق الملكي بذلك من حصد أول ثلاث نقاط في مشواره الذي يسعى من خلاله للوجود ضمن الفرق الثمانية الأولى التي تتأهل إلى الدور التالي مباشرة.
شتوتغارت مدينة في إسبانيا!
قدم شتوتغارت مباراة مميزة أظهر فيها شخصية كبيرة أمام بطل المسابقة التاريخي. للحظة يمكن تمامًا تصديق فكرة أن شتوتغارت مدينة في إسبانيا، ففريق المدينة الألمانية كان يلعب مثلما يلعب الإسبان برباطة جأشه الكبيرة في أثناء الخروج بالكرة وتنظيمه الواضح وتمريراته القصيرة وعدم استعجاله للهجمة ورغبته في المحافظة على الكرة لفترات طويلة.
رغم عدم التعجل كان الفريق الألماني الأخطر في الشوط الأول والأقدر على التسجيل من ريال مدريد الذي صحيح لاحت له فرص هو الآخر إلا أن فرص الضيوف كانت أشد خطورة وأقرب، خاصةً بعد فرصتين خطيرتين من ليفيلنغ وميّو كانت الأنانية في قرار الأول مع سوء حظ في ارتطام تسديدته بالعارضة والرعونة في قرار الثاني الذي أضاع انفرادًا صريحًا.
وما زاد من تميز الفريق الألماني هو تمكنه من كسب الكثير من الالتحامات الثنائية مع لاعبي هجوم الريال وخط وسطه ما أتاح له الخروج من أكثر من لقطة كان يمكن قطع الكرة فيها وشن هجمات مرتدة من جانب الفريق المدريدي.
هل هناك خطة ضغط لريال مدريد؟
الإجابة وبوضوح لا.. لا يمكن أبدًا تصور أن كارلو أنشيلوتي أو نجله قد جلسا مع لاعبيهما لرسم خطة الضغط العالي على الخصم، ففي كل لقطة كان هناك شكل مختلف، وليت أحدهما كان فعالًا!
وإن جلس أنشيلوتي الأب أو الابن مع لاعبي ريال مدريد بالفعل؛ فمن المؤكد أن فهمهم بطيء! هذا فريق لا يمكن أبدًا أن تكون تمركزاته مدروسة ومكررة في أثناء الضغط، والنتيجة كانت الفشل في انتزاع الكرة من أقدام لاعبي شتوتغارت في نصف ملعبهم.
ومع ضياع خطة الضغط أو عدم وجودها من الأساس، يبقى الاعتماد على شراسة اللاعبين في الضغط وهي خصلة لا يتحلى بها تقريبًا سوى فيديريكو فالفيردي الذي قضى أوقاتًا طويلة يركض خلف الكرة دون مساندة حقيقية مِمّن حوله.
شراسة مفقودة وكورتوا كالعادة
وعلى سيرة الشراسة، فإن هذه الخصلة افتقدها كيليان مبابي كثيرًا في أحداث اللقاء، فرغبته في التسجيل حري بها أن تتزامن مع التسديد بشكل أقوى، لكنه لم يفعل ذلك في أكثر من لقطة، إما اصطدمت بالدفاع أو تصدى لها الحارس بسهولة، بينما كان عليه أن يكون أكثر تركيزًا بعدما تحرك بشكل جيد في ظهر الدفاع وتلقى تمريرة بينية؛ لكنه سبق الكرة واضطر إلى العودة إليها لتضيع فرصة الانفراد.
الأمر نفسه ينطبق على مهاجم شتوتغارت، الألماني ذي الأصول التركية دينيز أونداف، الذي كرر بعض أخطاء عدم التركيز التي حدثت مع مبابي، ورغم تسجيل كليهما هدفًا فهناك عدة لقطات ينبغي عليهما استثمارها بشكل أفضل، فأونداف قد تراخى في أكثر من كرة داخل منطقة الجزاء كان بإمكانه أن يسددها لكنه تباطأ، كما لم يكن في كامل تركيزه وقت محاولة ضرب مصيدة التسلل.
الثابت الوحيد في ريال مدريد في الوقت الحالي هو المستوى الكبير المعتاد من كورتوا الذي نجح في التصدي لأكثر من كرة، وحافظ لفريقه على التعادل، وذلك على عكس حارس شتوتغارت نوبل الذي كان مسهمًا بشكل رئيس في هدفي الريال الثاني والثالث بعد خروج خاطئ من جانبه ليلتقط روديغر الكرة، بينما لم يكن في كامل استعداده عندما فاجأه إندريك بصاروخ “أرض أرض” فشل في إبعاده عن مرماه.
الطوليات سلاح ريال مدريد في الشوط الثاني
تمتع شتوتغارت بقدرة كبيرة على التخلص من الضغط، لكنه كذلك لم يقطع الكثير من كرات ريال مدريد في منتصف ملعبه، بل كان هناك عيب في طريقة ضغطه، والذي استغله الريال جيدًا وهو الهفوة الكبيرة بين وسط الفريق المندفع خلف خط الهجوم لدعمه في عملية الضغط، وبين دفاع الفريق المتراجع للخلف قلقًا من تحركات لاعبي الفريق الإسباني في ظهره.
لكن هذا القلق لم يفده كثيرًا، فريال مدريد استغل هذا الفراغ في الفريق الألماني بشكل ممتاز بعدما تلقى أكثر من لاعب الكرة بشكل مريح في هذه المنطقة ليجد دفاع شتوتغارت نفسه مكشوفًا أمام الكثير من الكرات البينية المباشرة كما حدث في تمريرة تشواميني الرائعة لرودريغو وكما حدث في أكثر من تمريرة أخرى إلى فينيسيوس ومبابي.
بعض أهم مكاسب ريال مدريد كان استعادة جود بيلينغهام بعد الإصابة إذ قدّم مباراة جيدة على المستوى البدني وأظهر جاهزية واضحة، كما أن استمرار إندريك في التسجيل كان جيدًا له على المستوى النفسي، خاصة بعدما أصبح أصغر لاعب يسجل في تاريخ ريال مدريد بدوري الأبطال ولو أن يجدر بأنشيلوتي أن ينبهه إلى ضرورة الإيثار ومعرفة الاختيار الأفضل في القرار الهجومي، فلو ضاعت تسديدته لكان الانطباع المنطقي هو أنه كان عليه التمرير لأكثر من زميل متاح.
هي مباراة أخرى يستطيع ريال مدريد الفوز بها هذا الموسم بعد تخطي موقف صعب في الشوط الأول وبعد تدخلات من تيبو كورتوا وهو أمر ربما يكون معتادًا في نهايات الموسم من الميرينغي؛ لكن بداية الموسم ليست بالمثالية في الريال على المستوى الفني، وعلى أنشيلوتي التحسّن بفريقه أكثر في قادم المواعيد.