افتقد ريال مدريد لخدمات نجمه كيليان مبابي ليلجأ كارلو أنشيلوتي للخطة التي لعب بها أغلب فترات العام الماضي، بعدما اعتمد طريقة 4/4/2 الألماسية “دياموند” بحضور جود بيلينغهام بالطريقة التي اعتادها كلاعب رابع في خط الوسط أو ثالث في خط الهجوم.
الخطة منحت “الملكي” فرصة للتنفس في خط الوسط وكذلك في قدرته على الضغط بشكل جيد على عناصر أتلتيكو مدريد في محاولة لتحييد زخم “ميتروبوليتانو” قبل أن يبدأ الميرينغي في امتلاك وسط الميدان ودفع الكرة إلى نصف ملعب منافسه لتدين له الأفضلية.
وظهر فيديريكو فالفيردي ولوكا مودريتش، كما امتلك فينيسيوس جونيور شخصية مختلفة، فحاول تجنب الاعتراض على الحكم أملًا في انزواء الصورة عنه بعد الحالة الصاخبة التي كان اسمه عليها قبيل المباراة.
رجل واحد كان بعيدًا تمامًا عن مستواه واختفى بشكل شبه تام كان رودريغو، الذي لم يكن عاملًا مساعدًا لهجوم الريال فتوقفت الجبهة اليمنى للريال تمامًا خاصةً مع التزام كارفاخال الواضح بعدم الصعود، كما هي عادته بعد إشراك جوليان ألفاريز على الجانب الأيسر وليس في خط الهجوم.
الأتلتي بخطة مختلفة، وسورلوث عبء
الأمر كان متوقعًا من جانب دييغو سيميوني الذي قرأ من المشهد أن ريال مدريد لن يلعب بمهاجم صريح ليقرر التخلي عن خطته المعتادة 3/5/2 والتحول إلى طريقة 4/4/2، فلا منطق باللعب بثلاثة مدافعين لا يراقبون أحدًا في عمق الدفاع تاركًا لاعبي الوسط يعانون مع الكثافة العددية للريال.
لكن المفاجأة كانت في إشراك دييغو سيميوني لثلاثي هجومه دفعة واحدة، لكنه أرسل جوليان ألفاريز إلى الجانب الأيسر ليضع غريزمان وسورلوث في خط الهجوم.
كانت فرصة الأتلتي الوحيدة في الشوط الأول من جانب جوليان ألفاريز بعدما توغل من تلك الجبهة متجاوزًا روديغر ليصل إلى داخل منطقة الجزاء، وبدلًا من التمرير لغريزمان فضّل المهاجم الأرجنتيني التسديد مباشرةً نحو المرمى لكن تيبو كورتوا كان حاضرًا.
بعدما بدأ ريال مدريد في السيطرة على الكرة بشكل أكبر، كان أتلتيكو على موعد مع عدة هجمات مرتدة ممكنة، لكن فالفيردي أفسد واحدة منها بتدخل مصيري فيما تكفل المهاجم سورلوث بإفساد اثنتين منها بانعدام رؤية كبير ثم تمريرة تشوبها الرعونة توقف الهجمة أو تنهيها تمامًا.
ريال مدريد يسجّل وأفضلية حمراء.. والشغب يتصاعد
الشوط الثاني شهد تغيرًا في الأمور، فسيميوني أجرى تبديلًا أخرج به مولينا وأشرك كوكي، معيدًا يورنتي إلى الجانب الأيمن، ثم عاد وأخرج سورلوث بعد مباراة سيئة للنرويجي ليدخل ألفاريز إلى عمق الهجوم مفسحًا مجالًا لإشراك لينو على الجانب الأيسر.
على هذه التغييرات بدا الأتلتي متحسّنًا كثيرًا في امتلاك الكرة، خاصةً مع تراجع المجهود البدني للوكا مودريتش وكذلك عدة لقطات افتقد فيها لاعبو الريال للدقة في التمرير وعلى رأسهم ميندي الذي فقد الكرة مرتين في مناطق خطيرة من الملعب.
لكن الهدف جاء من جانب الضيوف ومع مباراة مغلقة بشكل واضح كهذه المباراة، كانت الكرات الثابتة تلعب دورًا بعدما حصل فينيسيوس جونيور على خطأ اعترض عليه روبين لو نورماند، مؤكدًا للحكم عدم صحته، لكن لوكا مودريتش لم يأبه لذلك وهو يمرر لفينيسيوس مرسلًا إياه إلى موقف “واحد ضد واحد” ليلعبها عرضية وصلت إلى ميليتاو فأطلقها في المرمى.
مع محاولات الأتلتي لإدراك التعادل دون خطورة سوى تصاعد الصخب الجماهيري، كانت اللحظة قادمة بعد إشارات من كورتوا إلى الجماهير عقب تسجيل الهدف ليبدأ جمهور الـ”كولتشونيروس” في إلقاء مقذوفات على الملعب من ضمنها بضع قداحات ليقرر الحكم إيقاف المباراة.
شوط ثالث!
عقب العودة شعرنا أننا أمام شوط ثالث، نادي ريال مدريد التقط أنفاسه شاكرًا جماهير الأتلتي على فترة الراحة هذه التي كفلت فرصة للاعبين مثل لوكا مودريتش بالتقاط الأنفاس ولكارلو أنشيلوتي بإلقاء التعليمات، ليظهر الريال بشكل أفضل ويسدد فينيسيوس جونيور كرة خطيرة تصدى لها أوبلاك وكذلك حصل على ركنية أعادته لشخصيته التي تخلى عنها منذ بداية المباراة.
وسط حفنة من التبديلات لأتلتيكو مدريد بخروج ألفاريز ورينيلدو وغالاغير واشتراك ريكلمي وغالان والخطير أنخيل كوريا، كان لاعبو الأخير فاقدين للتركيز الكافي في مثل هذه المباريات منشغلين بالتشاحن مع فينيسيوس جونيور ودون وجود هجمات حقيقية باستثناء تسديدة لكوريا من داخل منطقة الجزاء، خاصةً بعدما عكف لاعبو ريال مدريد على إطالة زمن الهجمة باستحواذ سلبي قدر الإمكان.
لكن في الدقائق العشرة الأخيرة، بدأ لاعبو الأتلتي في استعادة التركيز نسبيًا ومحاصرة ريال مدريد في ثلث ملعبه وسبر أغوار دفاعاته بفعل تحركات البدلاء كوريا وريكلمي وسامويل لينو الذي سدد يسارية أخرجها كورتوا بصعوبة.
كما رفع سيميوني من تمركزات لاعبيه بشكل واضح، فصار يورنتي وغالان أشبه بجناحين مثبتًا غريزمان في عمق الهجوم ومن خلفه قاعدة مثلث متحررة تمامًا متمثلة في كوريا وريكلمي ولينو على خطٍ واحدٍ تقريبًا.
فيما اكتفى أنشيلوتي بتحويل فينيسيوس لرأس حربة، معيدًا باقي لاعبيه للخلف دفاعًا عن مرماهم قبل إخراج البرازيلي وإشراك برازيلي آخر هو إندريك الذي واصل هوايته بالتسديد بقوة في كل مرة تحلو له، فهدد مرمى أوبلاك من فرصته الوحيدة للتسديد، ثم غادر برازيلي ثالث هو رودريغو بعدما استشعر أنشيلوتي خطورة الجبهة اليمنى ليشرك فيران غارسيا لدعم ميندي وكذلك فعل على الرواق الأيمن بإدخال لوكاس فاسكيز بدلًا من مودريتش لنفس الغرض.
الأتلتي كثّف من ضغطه ليخترق أكثر من الأطراف رغم محاولات أنشيلوتي للتحصين؛ لكن الفرج جاء من أنخيل كوريا الذي انسل في عمق هجوم ريال مدريد وتلقى بينية حريرية خلف روديغر ليتخلص من كورتوا بمهارة غير عادية في ربع متر ويضع الكرة في المرمى، لينقذ نقطة لأتلتيكو مدريد ويحرم ريال مدريد من نقطتين في أخبار سعيدة لشمال شرق إسبانيا حيث تقع مدينة برشلونة.