يعد الشغب ظاهرة متأصلة في بطولة كأس أمم أوروبا ، وزاد العنف بين جماهير المنتخبات المشاركة في البطولة خلال النسخ الأخيرة 2008 و2012 و2016 و2021، ويتوقع أن لا يخلو “يورو” 2024 في ألمانيا من هذه الظاهرة المشينة.
وحذرت تقارير إعلامية أوروبية من تخطيط مثيري الشغب، ولا سيما فئة “الهوليغانز” لإحداث فوضى كبيرة في بطولة كأس أمم أوروبا 2024 بألمانيا عن طريق افتعال الشجارات وإخافة مشجعي المنتخبات المنتظر أن يزوروا ألمانيا خلال الفترة الممتدة ما بين 14 يونيو/ حزيران و14 يوليو/ تموز.
وتحدث أعمال الشعب عمومًا خلال بطولات كأس أمم أوروبا حول الملاعب التي تستقبل المباريات أو في وسائل النقل بمحطات الميترو، وكذلك في الحانات، ويصعب أحيانًا على رجال الأمن السيطرة على أحداث العنف هذه رغم وضعهم لخطط محكمة من أجل التصدي لهذه الظاهرة المتأصلة في الحدث الكروي الأوروبي.
الشغب في بطولة كأس أمم أوروبا ظاهرة لها أسباب
ويرى علماء الاجتماع أن الشغب في بطولة كأس أمم أوروبا ظاهرة لها أسباب تتعلق بالهوية والنزعة القومية والعنف والمشجعين والعنصرية.
ويوضح عالم الاجتماع الأرجنتيني بابلو آلابارسيس والمتخصص في الثقافات الشعبية في تصريحات لموقع “Swissinfo” أن كرة القدم لعبة تؤدي دور المحفز للروح الوطنية، خاصة في البلدان التي تشهد انتشارًا حادًا للنزعات القومية، ويوجد هذا الأمر بشكل أكبر في دول أوروبا الشرقية ومنطقة البلقان.
شجار مشجعي روسيا وإنجلترا في “يورو” 2016
ويرى عالم الاجتماع أن المشجعين الإيطاليين فخورون بما يتحلون به من صخب وهيجان، بينما يملك الإنجليز قناعة بأنهم أفضل المشجعين في أوروبا، أما بالنسبة للأتراك فيغمرهم شعور بأنهم مطالبون بمواجهة الجميع، وذلك في أمثلة تختلف بين مشجعي بلد أوروبي والآخر.
ويؤكد عالم الاجتماع بأن العنف في الملاعب الأوروبية تتدخل فيه العنصرية، مشيرًا إلى أن الشغب في القارة العجوز يمارسه اليمين المتطرف، ويغذيه خطاب متشدد ومعادٍ للأجانب وتفوح منه رائحة الكراهية والعنصرية.
المشجعون الإنجليز يتصدرون مشهد الشغب في “اليورو”
ويتصدر المشجعون الإنجليز مشهد الشغب في بطولة “اليورو”، وذلك في ظاهرة تشهد تناميًا من نسخة لأخرى، ففي نسخة بلجيكا وهولندا عام 2000 بدأت أعمال العنف مباشرة بعد وصول الجماهير الإنجليزية إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، وحدثت اشتباكات اعتقل على إثرها 400 شخص.
وفي نفس الدورة اندلعت أعمال شغب كبيرة بين المشجعين الإنجليز والألمان في مدينة شارلوروا البلجيكية، وفي ليلة مباراة المنتخبين في دور مجموعات كأس أمم أوروبا 2000 تعرض مشجع لعملية طعن تلقى على إثرها إصابة خطيرة.
وفي “يورو” 2004 بالبرتغال، تكررت مشاهد الشغب بالنسبة للجماهير الإنجليزية التي اشتبكت مع الشرطة البرتغالية بعد الخسارة من فرنسا في دور المجموعات، وتلقى منتخب إنجلترا إنذارًا من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بالإقصاء من البطولة في حال استمرار أعمال الشغب.
ولم تخلُ بطولة كأس أمم أوروبا 2008 في النمسا وسويسرا من أعمال العنف كذلك، حيث دخل المشجعون الأتراك والكروات في اشتباكات ضارية بعد نهاية مباراة المنتخبين في ربع النهائي، مما دفع شرطة العاصمة النمساوية فيينا لاعتقال العشرات منهم.
وفي “يورو” 2012، اندلعت مواجهات عنيفة بين أنصار المنتخبين البولندي والروسي على هامش المباراة بينهما في مدينة وارسو، وأسفرت عن عشرات الجرحى، مع اعتقال 200 مشجع أغلبهم من البولنديين المنتمين إلى اليمين المتطرف.
وخيمت مظاهر الشغب على بطولة كأس أمم أوروبا 2016 في فرنسا، وأكثرها عنفًا كانت بين مشجعي منتخبي إنجلترا وروسيا في مدينة مارسيليا، وشهدت بطولة كأس أمم أوروبا 2020 أيضًا حدوث أعمال شغب، لا سيما في المباراة النهائية بين إنجلترا وإيطاليا والتي تزامنت إقامتها مع اندلاع فوضى كبيرة في العاصمة الإنجليزية لندن.
جدير بالذكر أن الشرطة الألمانية تسعى لتفادي حدوث أعمال شغب في كأس أمم أوروبا 2024 عبر تطبيق مجموعة من الخطط والإجراءات لإحباط كل محاولات استهداف مشجعي المنتخبات المشاركة في البطولة.