ودع منتخب مصر الأوليمبي لكرة القدم، بقيادة المدرب روجيرو ميكالي منافسات دورة الألعاب الأولمبية وذلك بعدما خسر في نصف النهائي أمام فرنسا بثلاثة أهداف مقابل هدف بعد التمديد لوقتٍ إضافي إثر التعادل بهدف في كل شبكة في الوقت الأصلي.
كتيبة المدرب ميكالي نجحت في التقدم بهدف محمود صابر لكن هدفًا من ماتيتا قبل عشر دقائق على النهاية أنقذ الفرنسيين من الخروج أمام ستين ألف مناصر احتشدوا في ملعب ليون، ليضرب الديوك موعدًا مع الماتادور الإسباني في النهائي، بينما سيكون هناك صدام عربي بين مصر والمغرب للتنافس على مباراة الميدالية البرونزية.
شوط أول مثالي
قدم المنتخب المصري أداءً مثاليًا في الشوط الأول، فبعد 10 دقائق أولى صعبة، فرض الفراعنة سياجًا دفاعية أمام مرماهم منعت الفرنسيين من تجاوزها إلا قليلًا.
إستراتيجية روجيرو ميكالي تمثلت في أنه لا يمكن الصمود أمام الفرنسيين برباعي دفاعي فقط، فبدت تعليماته واضحة لأحمد سيد زيزو بأن يصبح مدافعًا خامسًا في الحالة الدفاعية على أن يدخل محمد شحاتة إلى عمق الدفاع، فيما يغطي كوكا كل ما يضطر زيزو وشحاتة لتركه في المساحات التي يندفع إليها قلب الدفاع لويك بادي ليصبح مثل لاعب ارتكاز آخر على الجانب الأيسر.
هذا التحريك كان إيجابيًا جدًا للمنتخب المصري بعدما أغلق أخيرًا صداع الجبهة اليسرى النشيطة للفرنسيين في بداية المباراة، كما حافظ ميكالي لمصر على أفضليتها العددية أثناء الكرات العرضية فلم يعد ماتيتا ولاكازيت في وضعية اثنين ضد اثنين من قلوب الدفاع.
هذا الأمر فرض تضحيات بدنية كبيرة على شحاتة وزيزو المطلوب منهما تقديم واجبات هجومية خاصة للأخير الذي كان يتحول سريعًا ليكون جناحًا في الهجمات المرتدة وقد تلقى كثيرًا من التمريرات القُطرية من كوكا وإبراهيم عادل ومحمود صابر لتهريب الكرة عبره وفك الضغط على الجبهة اليسرى أثناء الصعود بالكرة.
التنظيم الدفاعي الجيد لمصر كان مؤثرًا كذلك لأن خط الوسط كان منضبطًا دفاعيًا إلى حدٍ كبير، فمع نجاح كريم الدبيس بمساندة محمود صابر في منع الجناح الخطير مايكل أوليز من الاختراق على الطرف، كان أمام الأخير حل واحد للانضمام للعمق وهو ما كان يُواجهه صابر والنني بشراسة وتضييق للمساحة لتنعدم الحلول تقريبًا أمام الديوك.
لكن مثالية الشوط الأول لمصر كانت تكمن بشكل رئيسي في أن حكاية الدفاع اكتملت بحكاية الهجوم، فخروج مصر بالكرة كان ممتازًا ونجح النني ومن حوله في تنظيم خروج الكرة بشكل مثالي ودون أخطاء تقريبًا، كما احتفظ الفراعنة بالكرة لفترات طويلة مكنتهم من الخروج باستحواذ 54% في الشوط الأول، إلى جانب قدرة اللاعبين على التماسك أثناء التمرير في الثلث الأخير والبحث عن اللاعب الخالي من الرقابة وقد نجحوا في ذلك كثيرًا.
هدف مصري والفرنسيون ينقذون رأسهم
الشوط الثاني كان أقل لمصر لأن حكاية الهجوم لم تكتمل، فقد ضغط المنافس الفرنسي ومنع الخروج بالكرة بشكل سهل في المرتدات لتستمر الهجمات الفرنسية بشكل أكثر تأثيرًا، لكن الهدف الأول جاء عن طريق منتخب مصر الذي صحيح أنه عجز عن إخراج الكرة في المرتدات لكنه لم يعجز عن إخراجها من منتصف ملعبه في الهجمات المنظمة التي من إحداها بدأت لقطة الهدف الذي بدأ بالجبهة اليمنى بتبادل للكرة بين زيزو وشحاتة الذي قرر أن يكون أكثر مباشرة فلعب عرضية دقيقة إلى محمود صابر الذي نجح في تهيئة الكرة لتسديدة أخرى ليطلقها في المرمى.
ما يثير الحسرة هو أنه رغم تهديد فرنسا لمرمى مصر في أكثر من كرة بعد ذلك، منها كرتان متتاليتان ارتطمتا بقائم حمزة علاء الذي تصدى بشكل رائع لرأسية أخرى، هو أن هدف التعادل لم يأتِ من هجمة منظمة بل جاء من كرة مقطوعة نجح مايكل أوليز في التنفس أخيرًا من خلالها قبل أن إقصاء كوكا من الحسابات ليصبح الموقف صعبًا على قلبي دفاع مصر خاصة بعدما فكر جناح بايرن ميونخ الجديد بشكل أكثر مباشرة على المرمى ليمرر إلى ماتيتا الذي استغل خطأ محمد شحاتة في تغطية التسلل ليسجل هدف التعادل وينقذ رأس تييري هنري.
كان غريبًا من الفار أن يستدعي حكم المباراة بعدما أطلق صافرته على خطأ، فالخطأ يلغي ما بعده من أحداث حتى لو لم يكن موجودًا. لكنه كان موجودًا ووافق الحكم على أنه موجود ليخالف الفار وينتهي الأمر على خير للمصريين.. أم ليس كذلك؟
بطاقة حمراء تضع ميكالي في مأزق
في الحقيقة ليس كذلك، ففي نفس اللقطة التي استدعى فيها الفار حكم المباراة كان عمر فايد يفقد أعصابه على الحكم الذي أشهر بطاقة صفراء لم يعلم أحد أنها ستكون كارثية على الفراعنة بعدما تلقى فايد بطاقة صفراء ثانية بعد دقائق من بداية الوقت الإضافي ليصبح المنتخب المصري في موقف صعب.
صعوبة الأمور ازدادت، بعدما نجحت فرنسا في الشيء الوحيد الذي أجادته أغلب المباراة والبطولة وهو الكرات العرضية التي تمكنوا بها من تسجيل الهدف الثاني الذي كان على محمد طارق أن يذهب للفت نظر حكم المباراة إلى ارتكاز جديد من أحد مهاجمي فرنسا على مدافع مصري منعه من القفز لتظفر فرنسا باللعبة الهوائية التي وصلت إلى ماتيتا من جديد، والباقي يعلمه الجميع.
رغم محاولات مصر مجاراة منافستها إلا أن النقص العددي كان صعبًا، والتبديلات لم تأتِ بجديد ففي الواقع فإن تبديلًا أهدر فرصة إطلاق رصاصة الرحمة على الديوك في اللحظة الأخيرة من الوقت الأصلي لو كان بلال مظهر قد مرر بشكل أكثر دقة لزيزو الذي لم يلحق بكرة كانت لتضعه في موقف انفراد مع الحارس في آخر هجمات المباراة.
بعد الهدف الثالث من سلسلة أخطاء ساذجة للدفاع المصري ثم سوء حظ لمحمد شحاتة، كان من حسن حظ الفراعنة ألا يتلقوا هدفًا رابعًا لتنتهي المباراة بنتيجة وسيناريو مؤلم للفراعنة الذين سيكون عليهم تناسي ما حدث وتناسي لعبهم شوطين إضافيين، فالمغرب لن يكترث لذلك في تنافس عربي على البرونزية الأولى في تاريخ العرب في الألعاب الجماعية الأولمبية، ما لم يكن لمنتخب كرة اليد المصري رأي آخر ويجعلها اثنتين في آنٍ واحد.